كتاب «الشريعة» من أجل كتب الاعتقاد عند أهل السُّنة والجماعة، وقد قام بتأليفه الإمام أبو بكر محمد بن الحسين بن عبدالله الآجري البغدادي (ت 360هـ) رحمه الله، وكان من أسباب تأليفه هذا الكتاب انتشار البدع والأهواء في عصره، وظهور الفرق الضالة المناوئة لأهل السُّنة والجماعة كالخوارج والمرجئة والقدرية والرافضة وغيرهم، حتى لبست هذه الفرق على كثير من الناس أمر دينهم، وشكّكوهم في أصول اعتقادهم، وأخذوا يثيرون عليهم الشبه، ويجادلونهم بالمتشابه، فألَّف الإمام الآجري هذا الكتاب غيرة على الدين والعقيدة الصحيحة الصافية.
قال عن سبب تأليفه لهذا الكتاب: «قد رسمت في هذا الكتاب –كتاب «الشريعة»– من أوله إلى آخره، ما أعلم أن جميع من شمله الإسلام محتاج إلى علمه لفساد مذاهب كثير من الناس، ولما قد ظهر كثير من الأهواء الضالة والبدع المتواترة ما أعلم أن أهل الحق تقوى به نفوسهم، ومقمعة لأهل البدع والضلالة على حسب ما علمني الله عز وجل، فالحمد لله على ذلك».
والكتاب قد صنف على طريقة المحدثين؛ بمعنى أنه يقتصر على الرواية مع بعض التعليق القليل عليها.
وقد بدأ الجزء الأول من الكتاب بالأمر بلزوم الجماعة والنهي عن الفرقة، وبيان افتراق الأمم في دينهم، وافتراق هذه الأمة على وجه الخصوص.
ثم ثنَّى بالحديث عن الخوارج وسوء مذهبهم، ثم تحدث عن مصادر العقيدة وكيفية تلقيها، وتحدث عن الأمر بالتمسك بكتاب الله وسُنة نبيه صلى الله عليه وسلم وسنن الصحابة رضوان الله عليهم، والتحذير من البدع والجدال فيما يخالف الكتاب والسُّنة.
ثم تناول في الجزء الثاني ذم الجدال والخصومات في الدين، والمراء في القرآن، ثم إثبات أن القرآن كلام الله غير مخلوق والرد على من قال: إنه مخلوق، والرد على اللفظية (القائلين: لفظي بالقرآن مخلوق)، والواقفة (الساكتين عن القول بخلق القرآن ومضاده معًا)، والقائلين: إنه حكاية عما في اللوح المحفوظ.
ثم تكلم في الجزء الثالث عن الإيمان والإسلام وما يتعلق بهما من مسائل؛ دخول العمل في مسمى الإيمان، وكفر تارك الصلاة، وزيادة الإيمان ونقصانه وتفاضله، والاستثناء في الإيمان، والسؤال: أمؤمن أنت؟ ثم الحديث عن المرجئة وسوء مذهبهم.
ثم تكلم في الأجزاء الرابع والخامس والسادس عن القدر وما يتعلق به من مسائل، والرد على القدرية، وذكر من رد عليهم من الصحابة والتابعين وغيرهم.
ثم تكلم في الجزء السابع عن رؤية الله تعالى في الدار الآخرة، وإثبات ذلك بالأدلة والبراهين الشرعية القاطعة، ثم الإيمان بصفة الضحك على ما يليق بجلال الله سبحانه.
وبدأ الجزء الثامن بالرد على الحلولية، ثم إثبات الصفات الأخرى التي تنكرها المعطلة.
وتطرق في الجزء التاسع إلى التحذير من مذاهب أقوام يكذبون بالشرائع وما يجب على المؤمنين التصديق به.
وفي الجزء العاشر تحدث عن الإيمان بعذاب القبر وسؤال الملكين، وبعض علامات الساعة، والتصديق بأن الجنة والنار مخلوقتان، وأن نعيم المؤمنين في الجنة لا ينقطع أبداً، وأن عذاب الكفار لا ينقطع عنهم أبداً.
وفي الأجزاء الحادي والثاني والثالث عشر الكلام عن فضائل النبي صلى الله عليه وسلم ودلائل نبوته.
والأجزاء من الرابع عشر إلى الحادي والعشرين: الكلام عن فضائل الصحابة على وجه العموم، وفضائل الخلفاء الراشدين وبقية العشرة المبشرين بالجنة وفضائل آل البيت على وجه الخصوص.
والجزء الثاني والعشرين تحدث عن دفن أبي بكر، وعمر، رضي الله عنهما، مع النبي صلى الله عليه وسلم، وفضل الروضة الشريفة، وعن وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، وختم الجزء بفضائل عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها.
والجزء الثالث والعشرون، وهو الأخير، فخصصه للحديث عن فضائل معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، ثم فضائل عمار، وعمرو بن العاص، رضي الله عنهما، وختم الجزء بالكف عما شجر بين الصحابة، واللعنة على من سبهم، ثم ما جاء في الرافضة وسوء مذهبهم.
وختم الكتاب بذكر هجر أهل الأهواء والبدع، وعقوبة الأمير لهم.
ثم ذيل الكتاب بقصيدة أبي بكر بن أبي داود في السُّنة التي سمعها منه في مسجد الرصافة، وفيها ملخص ما ذكره في كتابه.