1- إن فلسطين أرض إسلامية رفرف عليها الإسلام ثلاثة عشر قرناً منذ أن فتحت على زمن الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وكما يقول فقهاء الإسلام: «فإن غلب العدو على بلد من بلاد المسلمين أو ناحية من نواحيها، فالجهاد فرض عين، فتخرج المرأة والعبد بغير إذن الزوج والولي، وكذا يخرج الولد من غير إذن والده والمدين بغير إذن دائنه»(1).
ففلسطين أرض إسلامية يتعاقب أجيال المسلمين عليها، وواجب عليهم تخليصها مهما كلفهم ذلك من تضحيات ومن لم يعمل لتخليصها فهو آثم عند الله.
2- أرض فلسطين هي مسرى الرسول صلى الله عليه وسلم ولعلها حكمة عظيمة ألا يخرج الرسول عليه الصلاة والسلام بعد البعثة خارج جزيرة العرب إلا إلى فلسطين، لقد كان من الممكن أن يعرج الله سبحانه وتعالى برسوله الكريم إلى السماء من مكة المكرمة مباشرة، ولكن شاء الله أن يكون هذا الإسراء إلى بيت المقدس، حتى يرتبط المسجد الأقصى وإلى الأبد بالمسجد الحرام؛ (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ) (الإسراء: 1).
وهذا مما يجعل أرض فلسطين ذات مكانة خاصة بالنسبة للمسلمين جميعاً.
3- أرض فلسطين قبلة المسلمين الأولى، صلى إليها المسلمون سبعة عشر شهراً قبل أن تتحول إلى البيت الحرام، وفيها المسجد الأقصى أحد المساجد التي تُشد إليها الرحال، والصلاة فيه خير من خمسمائة صلاة فيما سواه من المساجد ما عدا المسجد الحرام والمسجد النبوي.
4- إن أرض فلسطين مجبولة بدماء الشهداء من الأبطال المسلمين من الصحابة الفاتحين وعلى رأسهم قائد جيوش الإسلام أبو عبيدة بن الجراح، ومعاذ بن جبل وغيرهما رضي الله عنهم أجمعين، وكذلك دماء المسلمين الذين حرروها من الصليبيين والتتار، إن هذا يجعل لها رائحة زكية ومن الوفاء لدماء هؤلاء الأبطال ألا نفرط فيها أو نتنازل عنها وإلا فسيلعننا الله وسيلعننا التاريخ وسيلعننا اللاعنون.
5- إن عمر بن الخطاب حين فتح فلسطين لم يقسم أرضها بين الفاتحين، ولكن جعلها ملكاً لذراري المسلمين يتوارثونها جيلاً بعد جيل، ولا يحق لملك ولا لزعيم ولا حتى لشعب أو جيل من الأجيال أن يتنازل عنها لغير المسلمين؛ لأنها ليست من حقه حتى يتنازل عنها، وهي من حق المسلمين حتى تقوم الساعة، إذا لم يستطع هذا الزعيم أو هذا الشعب أو هذا الجيل تحريرها فيجب ألا يفرط فيها بقبول سيطرة الأجنبي عليها حتى يأتي جيل من المسلمين الحقيقيين أصحاب الحق فيحررها ويعيد لها وجهها الإسلامي المشرق.
6- نحن الورثة الحقيقيون لإبراهيم عليه السلام؛ (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَـذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَاللّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ) (آل عمران: 68).
7- الوعد العام الكبير من الله سبحانه وتعالى للمسلمين بالنصر والتمكين إذا هم تمسكوا بدينه سبحانه وتعالى؛ (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) (النور: 55).
إذن، فالصراع القائم لا محالة بين المسلمين من جهة وأعداء الله المتربصين من يهود ونصارى وشيوعيين من جهة أخرى، ووَعْد الله بالنصر للمؤمنين قائم لا محالة؛ (وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) (الحج: 40).
__________________________
(1) نقلاً عن رسالة الجهاد للإمام الشهيد حسن البنا
المصدر: كتاب «معالم في الطريق إلى تحرير فلسطين».