من الخطأ أن تنشغل المرأة المسلمة بالمطبخ وأعمال الطهي في شهر رمضان، بما تفقد معه لذة الطاعة والعبادة في شهر به ليلة القدر، التي هي خير من ألف شهر.
لذلك فمن الحكمة أن تعمل المرأة على تحقيق قدر من التوازن بين واجباتها كزوجة وأُم، وبين كونها مسلمة واجباً عليها صيام وقيام شهر رمضان إيماناً واحتساباً، والعمل الصالح، وحمل راية الدعوة إلى الله.
السطور القادمة تقدم 5 مقترحات دعوية لكل امرأة في رمضان، عوناً لها على الفوز في هذا الشهر الكريم.
1- القدوة الحسنة:
من أرفع العبادات وأحسن الطاعات، أن يكون المسلم؛ ذكراً كان أم أنثى، قدوة حسنة للآخرين، وما كان انتشار الإسلام في ربوع الأرض إلا بالقدوة الحسنة، وحسن القول والعمل، قال سبحانه وتعالى: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) (فصلت: 33).
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «الْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ» (رواه البخاري)، فإن رافق الكلمة الطيبة، القدوة الحسنة، والعمل الصالح، كانت المرأة المسلمة داعية في نفسها ولباسها وكلامها وعملها.
وجاء في الحديث النبوي الشريف: «مَنْ دَلَّ عَلَى خَيْرٍ فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ فَاعِلِهِ» (رواه مسلم).
2- الاعتدال وعدم الإسراف:
إن المرأة المسلمة بإمكانها أن تحول مطبخها إلى وسيلة للتعبد والدعوة، من خلال تجنب التبذير والإسراف، والحذر من هدر الطعام، والحفاظ على النعمة وصونها، عملاً بقول الله عز وجل: (لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ) (إبراهيم: 7)، وشكر النعمة بالحفاظ عليها، لا بإهدارها وتبديدها، أو التبذير الذي يجلب عدم البركة ويضع صاحبه في أخوة الشياطين، كما أكد رب العزة جل وعلا حين قال: (إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ) (الإسراء: 27).
وليست هذه دعوة لتضييق المرأة على عيالها وزوجها بدعوى عدم الإسراف، لكنها دعوة للتوازن المحمود، الذي رسم القرآن طريقه حين قال: (وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ) (الإسراء: 29).
3- إطعام الطعام:
من الحكمة ألا يكون شغل المرأة فقط في رمضان، إعداد الأكلات الشهيرة، ومتابعة قنوات الطبخ، وتضييع الشهر الفضيل، بل يمكن أن تحول بوصلتها بين جنبات المطبخ، إلى أمور تربح من ورائها الحسنات، وتثقل بها موازينها يوم القيامة.
من ذلك إطعام الطعام، وإفطار الصائم، عملاً بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ، غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْئًا» (رواه الترمذي وابن ماجه وابن حبان).
ويعد تجهيز الطعام للفقراء والمحتاجين علامة من علامات أصحاب الإيمان المُبشّرين بالجنة: (أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ {14} يَتِيماً ذَا مَقْرَبَةٍ {15} أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ {16} ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ {17} أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ) (البلد).
4- الصدقة والزكاة:
على المرأة المسلمة ألا تحرم نفسها من أجر الصدقة والزكاة، حتى لو كان زوجها يقوم بذلك نيابة عنها، بل يحبذ أن تحث صاحباتها على التبرع والتصدق لإغاثة المحتاجين، فتقوم مثلاً بوضع حصالة في البيت تكون مخصصة لنصرة أهل غزة، وحث الأبناء على الادخار من مصروفهم الشخصي، ووضع جزء -ولو قليل من المال- لإغاثة إخوانهم في فلسطين.
فعن النعمان بن بشير قال: قال رسول الله ﷺ: «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى».
5- تبليغ الدعوة:
بإمكان المرأة أن تكون داعية وهي في بيتها، عبر توظيف وسائل التواصل في خدمة دينها، ونشر البطاقات الدعوية على صفحتها الشخصية، وتذكير متابعيها بفضل الذكر، وقراءة القرآن، وصلة الرحم، وبر الوالدين، وقيام الليل، ونشر الأحاديث الصحيحة، والأقوال المأثورة عن السلف الصالح.
نعم، تستطيع أن تجعل من شهر رمضان فرصة دعوية لها، وأن تحول هاتفها وصفحاتها الشخصية على مواقع التواصل، إلى منبر لدعوة الخير، يقول صلى الله عليه وسلم: «فطوبى لمن جعله الله مفتاحاً للخير مغلاقاً للشر، وويل لمن جعله الله مفتاحاً للشر مغلاقاً للخير» (حديث حسن).