العالم الإسلامي عالم تمتد أراضيه لتشمل 57 دولة إسلامية هم أعضاء منظمة التعاون الإسلامي، في 4 قارات من العالم، من ألبانيا في شمال أوروبا إلى موزمبيق في جنوب أفريقيا، ومن إندونيسيا في شرق آسيا إلى غويانا في غرب أمريكا اللاتينية، بمساحة تصل إلى سدس مساحة العالم، و28% من مساحة اليابسة.
ويتميز العالم الإسلامي بأنه يجمعه قواسم مشتركة؛ ديناً وتاريخاً وحضارة، ويمتلك مقومات اقتصادية لو تم استثمارها وتحقيق التكامل والتجانس فيما بينها لأصبح قوة اقتصادية يشار لها بالبنان، لا سيما أن 37% مـن سكان العالم الإسلامي يعيشون تحـت مستـوى خط الفقـر، وتبلغ نسبتهم إلى فقـراء العالم نحو 40%.
أهم المقومات الاقتصادية التي يمتلكها العالم الإسلامي الثروة البشرية أساس التنمية
ثروة بشرية
ومن أهم المقومات الاقتصادية التي يمتلكها العالم الإسلامي الثروة البشرية التي هي أساس التنمية، حيث يصل عدد المسلمين في أنحاء العالم نحو ملياري نسمة يشكلون نحو 25% من سكان العالم، ويبلغ متوسط نسبة النمو السكاني في دول منظمة التعاون الإسلامي الذي يقاس بالفرق في نسبة المواليد إلى الوفيات في أي بلد، حوالي2.2%، وهي نسبة متوسطة مقارنة بالنسب العالمية، وتقع أعمار أغلب سكان العالم الإسلامي ما بين 15 – 40 عاماً، وهذا مصدر قوة، فالشباب هم الأغلبية، ولو أمكن إحسان تقديم الرعاية العلمية والصحية والمهنية لهم لزادت إنتاجيتهم وتمدد إنتاجهم.
ثروة تعدينية
كما يمتلك العالم الإسلامي ثروات هائلة من النفط والغاز الطبيعي والمعادن الأخرى، فالنفط يتوافر في حوالي 35 دولة، ويشكل إنتاجه 43% من الإنتاج العالمي، أما الغاز الطبيعي فيوجد في حوالي 25 دولة، ويشكل إنتاجه 8% من الإنتاج العالمي، كما تنتج دول العالم الإسلامي 47% من الإنتاج العالمي من القصدير.
العالم الإسلامي يمتلك ثروات هائلة من النفط والغاز الطبيعي والمعادن الأخرى
ثروة مائية
كما يمتلك العالم الإسلامي ثروة مائية أكثر من نصف مليون كيلومتر مربع، وهو يطل على أهم البحار والمحيطات والمضايق البحرية، وتقدر حدوده البحرية بحوالي 102347 كم، كما تحتضن أراضيه مدخلي المحيط الهندي، ومدخلي البحر المتوسط، وتجري فيه العديد من الأنهار وأهمها وأطولها نهر النيل، فضلاً عن أنهار النيجر، والسند، وزمبيري، ودجلة، والفرات، وآمو، والسنغال، وغيرها من الأنهار، وهو ما يمثل قيمة مهمة في إنتاج الثروة السمكية، وتوفير مياه الشرب اللازمة لحياة البشر، ومياه الري والشرب اللازمة للثروة الزراعية والحيوانية.
نشاط اقتصادي
وبالنظر إلى قطاعات النشاط الاقتصادي في بلدان العالم الإسلامي، نجد أنه بالنسبة للقطاع الزراعي؛ فإن دول العالم الإسلامي تتمتع بموارد زراعية غنية مثل المياه والأراضي الصالحة للزراعة، وتستأثر بحصة لا يستهان بها من الإنتاج الزراعي، وتشير بعض الإحصاءات إلى تحسن أداء بلدان منظمة التعاون الإسلامي على مؤشر إجمالي الإنتاج الزراعي منذ العام 2010م، بالمقارنة مع متوسط البلدان النامية غير الأعضاء في المنظمة والمتوسط العالمي، وصنفت بلدان المنظمة ضمن قائمة الـ20 الأكثر إنتاجاً للسلع الزراعية الرئيسة في العالم.
.. وثروة مائية ويطل على أهم البحار والمحيطات والمضايق البحرية الدولية
أرض صالحة للزراعة
ومع ذلك، فإن مساحة الأرض الصالحة للزراعة في بلدان منظمة التعاون الإسلامي بلغت نحو 23% من إجمالي مساحتها الزراعية؛ وهو ما يعني عدم الاستثمار الجيد لها، فضلاً عن أن مساهمات القطاع الزراعي في الناتج المحلي الإجمالي في بلدان المنظمة لا تتعدى نسبته 10%، وقد ساهم في هذا أزمة «كورونا»، فضلاً عن عدم استقرار أسعار السلع الزراعية والضغوط البيئية وتجريف الأراضي وعدم إحسان استغلال الموارد المائية، وهذا يحتم على دول المنظمة الاستفادة من عناصر التكامل الزراعي فيما بينها، واستخدام التكنولوجيا الزراعية لزيادة الإنتاج، والاكتفاء الذاتي من الغذاء، وبذل كل الجهد لتعزيز نمو الثروة الحيوانية والسمكية.
قطاع صناعي
أما القطاع الصناعي في دول العالم الإسلامي، فما زال لم يبرح مرحلة الأمل، باعتباره قاطرة التنمية، وقد تجاوز الإنتاج الصناعي في دول العالم الإسلامي عتبة التريليون دولار، وقد شهد خلال الفترة الماضية زيادة مستمرة، حيث بلغت حصة دول منظمة التعاون الإسلامي من القيمة المضافة للتصنيع العالمي نحو 8%.
.. ويتمتع بموارد زراعية غنية ويستأثر بحصة لا يُستهان بها من الإنتاج الزراعي
وتختلف المساهمات في القيمة المضافة للتصنيع العالمي بين دول المنظمة، حيث تستأثر إندونيسيا وتركيا وحدهما بأكثر من ثلث إجمالي القيمة المضافة للتصنيع، وهذا يحتم على دول المنظمة السعي للاستفادة من المزايا النسبية التي تمتلكها لتعزيز التكامل التصنيعي فيما بينها، مع إيلاء أهمية لتصدير التكنولوجيا، وتوفير احتياجات دول المنظمة من السلع المصنعة، والخروج من نفق التبعية التصنيعية للدول الغربية.
قطاع تجاري
أما القطاع التجاري في دول العالم الإسلامي، فما زالت التجارة بين دول المنظمة والعالم الخارجي وبينها وبين بعضها بعضاً متواضعة، فبلدان المنظمة لم تنل حظها الكافي في التجارة العالمية، ومساهمتها في التدفق العالمي للسلع والخدمات دون إمكاناتها، وما زالت تعتمد في إنتاجها بصورة كبيرة على استيراد المواد الخام من غيرها من الدول.
مزايا نسبية
وتمثل بلدان منظمة التعاون الإسلامي حوالي 9% من الاقتصاد العالمي، وتستحوذ على أكثر من 11% من التجارة العالمية، ويشكل حجم التجارة بين الدول الأعضاء نحو 19%، وهذا يتطلب بذل الجهود بين دول المنظمة للاستفادة من المزايا النسبية لكل دولة تجاه الأخرى بما ينظم عملية الصادرات والواردات ويحقق التكامل فيما بينها.
بلدان منظمة التعاون الإسلامي تمثل حوالي 9% من حجم الاقتصاد العالمي
إننا اليوم في عالم تقوده التكتلات الاقتصادية، ولا مكان فيه للانفراد والانعزال، ومن لا يملك قوته الاقتصادية لن يجد له موضع قدم في هذا العالم الذي تحيط به العولمة من كل مكان، لذا يتوجب على الدول الإسلامية الاستفادة من القواسم المشتركة فيما بينها، وتحقيق أهدافها لتكون منظمة التعاون الإسلامي نواة لتحقيق الوحدة الاقتصادية الإسلامية، التي بها يمكن أن يعرف العالم الإسلامي طريقه للاستقلالية.
وهذا يتطلب إرادة سياسة قوية، تجمع ولا تفرّق، وترفع راية الإخاء الإسلامي على راية القومية الضيقة، وتعي أن الاستخلاف فريضة إسلامية، ولا استخلاف حقيقياً دون إنتاج يوفر للأمة الإسلامية غذاءها وكساءها ودواءها وسائر احتياجاتها بعيداً عن ذل التبعية للمنظومة الغربية.