لقد شرف الله تعالى الأمة الإسلامية وفضلها على سائر الأمم، وأعطاها صفات الريادة وخصها بالشهادة عليها, كما أحاط سبحانه بعض الأراضي والأماكن والبلاد بزيادة في التكريم والتشريف الإلهي,
لقد شرف الله تعالى الأمة الإسلامية وفضلها على سائر الأمم، وأعطاها صفات الريادة وخصها بالشهادة عليها, كما أحاط سبحانه بعض الأراضي والأماكن والبلاد بزيادة في التكريم والتشريف الإلهي, وفلسطين تلك الأرض المباركة هي واحدة من هذه البلاد والأراضي التي شرفها الله تعالى كمهبط للأنبياء وبوابة السماء ورحلة الإسراء والمعراج وقبلة أولى للمسلمين بوجود المسجد الأقصى المبارك، فكانت الآية التي تشير إلى ذلك التشريف العظيم: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ) (الإسراء:1).
وهذا الارتباط الوثيق بتاريخ تلك الأرض المباركة بتاريخ الأنبياء بدءاً من أبينا آدم (عليه السلام) إلى سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم), أضحى المسجد الأقصى له مكانة دينية عظيمة؛ تلك المكانة ارتبطت بكونه ثالث المساجد التي لا تشد الرحال إلا إليها, فأصبح المسجد الأقصى رمزاً للتوحيد الذي كان الإسلام آخر حلقاته، واتصل تاريخ تلك الأرض بتاريخ المسلمين, ورغم توالي المحن وتعاقب الابتلاءات على هذه الأرض المباركة على مدار تاريخها من انتهاك واحتلال واغتصاب واستعمار واستهداف من قبل الصليبيين كآخر من احتلها وصولاً للكيان الصهيوني الغاصب, فما زالت أرض فلسطين والقدس والمسجد الأقصى المبارك في ذاكرة وأذهان المسلمين والأمة جمعاء؛ محوراً للبركة القرآنية التي جاءت النصوص والآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة لدعمها.
وهذا يفرض على الأمة الإسلامية القيام بمسؤوليتها من أجل تحرير الأرض من أيدي اليهود الصهاينة المغتصبين، وكيف يكون ذلك في ظل الوضع الراهن الذي يئن تحت وطأة الضعف والانهزام والتآمر والتخوين والتبعية؟! فلربما يكون الضعف والانهزام سبباً وعذراً لكثير من أبناء أمتنا، ولكن حين تعاد صياغة القيم وغرسها بالشكل الصحيح سيكون التغيير الذي أمرنا به سبحانه, وأولى هذه القيم هي العلم بأن قضية فلسطين هي قضية المسلمين عامة وليست قضية الفلسطينيين وحدهم، وأن مسؤولية المسلمين تجاه هذه الأرض أكبر من التعاطف والشجب والاستنكار، بل يتعداه إلى واجب النصرة والسعي الحثيث لتحرير الأرض واسترجاع القدس والمسجد الأقصى وكل شبر من أرض فلسطين إلى حياض المسلمين, فصراعنا أضحى صراع وجود وتحديد مصير.
وثاني هذه القيم أن القضية تمثل صلة خاصة بين فلسطين (الأرض) والقدس والمسجد الأقصى وبين المسلمين صلة عقيدة وعبادة ومصير، وتبشر بأن وعد الله حق في نصر تلك الثلة المؤمنة الصادقة المجاهدة (وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ) (الحج:40), ومقتضيات النصر: إخلاص نية, وصدق عزيمة, والتماس أسباب النصر من إعداد للقوة وحسن توكل ويقين بصدق الموعود الإلهي لاسترداد تلك الأرض المباركة المغتصبة بقوة الإيمان والعمل الجاد.
ولعل المَشَاهد التي أضحت يومية للاعتداءات الصهيونية على أرض فلسطين والقدس والمسجد الأقصى المبارك والادعاءات الكاذبة الملفقة بأحقية اليهود فيه، تحيي الحمية الإيمانية لدى الأمة كلها بكل مكوناتها؛ للقيام بمسؤولياتها كاملة التي وضعها الله في عنقها حين جعلها وريثة للأنبياء والأمم ليلة الإسراء والمعراج, حين صلى الرسول (صلى الله عليه وسلم) إماماً بالأنبياء والرسل؛ تأكيداً على أحقية المسلمين في تلك البقعة المباركة ومسؤولية الأمة المسلمة على اختلاف أجناسها وألسنتها وألوانها في تحريرها, وبذل الغالي والنفيس في إطار “الاعتصام بحبل الله المتين”، والاستنهاض بما يحقق لهم العزة والكرامة.. والشباب الذين يمثلون ركناً أساسياً من أركان هذه الأمة هم أملها ونورها ومستقبلها, تتطلع إليهم النفوس وتشرئب الأعناق ليتقدموا ويتقلدوا مسؤولياتهم ويرفعوا راية التحرير.
يا معشر الشباب، أيها الحواريون، أيها الفاتحون الجدد؛ انصروا فلسطين والقدس والمسجد الأقصى؛ تنصروا الله تعالى وتحققوا أمره, أدوا دوركم بحق أمام التاريخ والأجيال القادمة لوطن حر كريم، لطهر فلسطين والأقصى, ولهذه القداسة تتعلق قلوب الشباب أينما كانوا, يشدّون سواعدهم, تدفعهم عزيمة الإيمان للذود عن مقدساتهم, وتطهيرها من رجس الصهاينة المغتصبين, وصيتي لكم وواجبكم العملي هو أن تحرروا خطاكم وأنفسكم ليتحرر أقصاكم ومسرى نبيكم.
(*) المنسق العام لرابطة شباب لأجل القدس العالمية.