ما رأيك بمضاعفة نجاحك وتعزيز أرباحك؟

6 أمثلة لفهم الاقتصاد السلوكي

على الرغم من تعدد النظريات التقليدية للاقتصاد التي تفترض أن الإنسان عقلاني ويسعى إلى تعظيم الربح والمنفعة، فإن الاقتصاد السلوكي يفترض خلاف ذلك، حيث تؤدي العواطف والتحيزات الإدراكية والعوامل النفسية دروًا كبيرًا في تشكيل سلوك الأفراد في مختلف القطاعات، فالاقتصاد السلوكي يدمج بين مبادئ علم النفس والاقتصاد لفهم الكيفية التي يتخذ بها الأفراد، والمؤسسات المالية، والشركات، القرارات المالية والاقتصادية.

وتم توظيف الاقتصاد السلوكي في عدة مجالات، مثل: تصميم السياسات الاقتصادية، وتحليل سلوك المستهلكين، والاستثمار في الأسواق المالية، ومن ثم فإنه يساعد في تحسين وتطوير إستراتيجيات التسويق، ويعزز الادخار، ويقلل تصرفات الأفراد الفعلية والتوقعات الاقتصادية، ولذا اعتمدت الشركات والحكومات على مبادئ هذا النوع من الاقتصاد لتوجيه سلوكيات الأفراد بطريقة إيجابية اعتمادًا على تقنيات التنبيه، مثل تقديم حوافز بطريقة مؤثرة نفسيًا.

من هنا يتبين أن الاقتصاد السلوكي يسلط الضوء على الجانب الإنساني للاقتصاد، لذا؛ فإنه أداة قوية لفهم القرارات الاقتصادية اليومية وتحسينها.

في عام 2007م بلغ سعر «أيفون» المزود بذاكرة تخزين 8 جيجا 600 دولار، وكانت الشركة تدرك تمامًا أن سعر هاتفها أعلى من السعر الطبيعي، إلا أنها قامت بخفض السعر بشكل سريع إلى 400 دولار، ذلك لأنها أدركت تمامًا أن السعر لو كان من البداية 400 دولار ربما سيكون رد الفعل سلبياً في الأسواق، إلا أن المستهلكون ظنوا بعد خفض السعر أنهم بذلك يحصلون على صفقة لا تعوض، ومن ثم؛ قفزت مبيعات الشركة من هذه النسخة.


أهمية الاقتصاد السلوكي

يهتم الاقتصاد السلوكي بدرجة كبيرة بتوضيح سلوك الأفراد والشركات، وتحليل سوق العمل وتفاعلاته المختلفة، ومن خلال هذا النوع من الاقتصاد يمكن للباحثين والمحللين اكتشاف الدوافع السلوكية، والانحيازات، والعوامل الخفية وراء القرارات الاقتصادية للأفراد؛ ما يسهم في اتخاذ سياسات وإجراءات أكثر فعالية في تنظيم أسواق الحكومات والمؤسسات، وتعزيز تنميتها الاقتصادية.


انظر أيضًا: الاقتصاد.. وأثره البالغ في حياتنا اليومية



الاقتصاد السلوكي وفهم سلوك المستهلكين

تحتاج جميع المؤسسات والشركات اليوم إلى استهداف جمهورها بدقة حتى تحقق النجاح، وبعد ذلك لا بد من تحليل سلوكيات هذا الجمهور، وتحديد الدوافع وراءها، وهنا يبرز دور الاقتصاد السلوكي؛ حيث يساعد في فهم الجمهور بشكل أفضل، ويحدد أفضل المسارات لتأثير عليه، ومن ثم التأثير في السوق والاقتصاد بشكل عام، ويأتي ذلك نتيجة التركيز على النوايا والتفضيلات الشرائية، والأبعاد الثقافية، والعوامل النفسية، والتحيزات الإدراكية، من هنا يتبين ضرورة فهم سلوكيات المستهلكين، والاستثمار الأمثل في هذه السلوكيات؛ ما يحقق الرضا لدى العملاء، ومن ثم زيادة المبيعات والإيرادات.

الاقتصاد السلوكي وتحليل سلوك الشركات والمؤسسات

إن أي شركة أو مؤسسة تسعى لتحقيق التفوق التنافسي، لا بد أن تكون قادرة على فهم سلوك عملائها وشركائها، حتى تتمكن من اتخاذ قراراتها الإنتاجية بذكاء، وهذا ما تفعله النماذج الاقتصادية السلوكية، حيث تركز على دراسة العوامل الاجتماعية والنفسية التي قد تؤثر على القرارات الاقتصادية للشركات، فبدلًا من الاستسلام للافتراض الحتمي أن الشركات تتصرف بشكل منطقي، يتم أخذ هذه النماذج بعين الاعتبار، ذلك لأن القرارات الإنتاجية قد تتأثر بالتحيزات الإدراكية والتحفظات النفسية للشركات.

الاقتصاد السلوكي والتميز التنافسي والابتكاري للشركات

سبقت الإشارة إلى أن هذا النوع من الاقتصاد يمكن الشركات من تحليل سلوك المستهلكين والمنافسين، ويمنحهم القدرة على معرفة التوقعات المستقبلية للسوق، بالإضافة إلى فهم الكيفية التي يمكن من خلالها تحفيز المستهلكين لاتخاذ القرار الشرائي، فتطبيق هذا النوع من الاقتصاد يمكن أن يدفع شركتك للابتكار وتطوير منتجات جديدة وفريدة من نوعها، وتحقيق ميزة تنافسية نتيجة فهمك لسلوك المستهلكين والمنتجين، والمساعدة في تحديد نقاط القوة والضعف في السوق المستهدف، ومن ثم تطوير إستراتيجيات تنافسية تسهم في نمو الشركة، وزيادة إيراداتها.


 انظر أيضًا: 5 مشاريع خليجية تغير مستقبل النقل في المنطقة


 

 

الاقتصاد السلوكي واتخاذ القرارات الاقتصادية للحكومات

لا يقتصر تطبيق الاقتصاد السلوكي على المؤسسات والشركات الخاصة فحسب، بل يرتبط ارتباطًا وثيقَا بالقرارات الاقتصادية العامة للدولة والأجهزة الحكومية، حيث يساعد على فهم القرارات الاقتصادية العامة، وتحليل تأثيرها، إلى جانب التركيز على التفاعلات النفسية والاجتماعية التي قد تؤثر على قرارات الأفراد والجماعات على المستوى الاقتصادي، ومن ثم وضع سياسات اقتصادية فعالة لتحقيق الأهداف الحكومية، وتحسين الرفاهية العامة للأفراد.

 ما رأيك بمضاعفة نجاحك وتعزيز أرباحك؟

بالطبع، تريد أن تضاعف نجاحك، وتعزز أرباحك.. إذًا الأرقام وحدها لا تكفي!

لا بد أنك تستخدم الأرقام والبيانات لتحقيق أهدافك، وتطوير أعمالك؛ وهذا أمر طبيعي، ذلك لأنها تعطي مؤشرات دقيقة وقابلة للقياس والتتبع، لكن هذه الأرقام تقتصر على نواحٍ محدودة، لذا؛ فإن الاقتصاد السلوكي يكشف ما لا تكشفه الأرقام، لأنه يبين لك الأسباب والدوافع وراء هذه الأرقام، كيف جاءت؟ ولما ظهرت بهذه النسب؟ وكيفية تغييرها، أو تعزيزها؟ فهو منشغل بالكيفية التي كانت سببًا للكم (الأرقام).

6 أمثلة لفهم الاقتصاد السلوكي

أصبح مفهوم الاقتصاد السلوكي واضحًا الآن، لكن سنضع 6 أمثلة واقعية لفهم أعمق حول كيفية تطبيق هذا النوع من الاقتصاد، وتتمثل هذه الأمثلة في:

1- التجربة المجانية: حيث إن نهج «احصل على هذا المنتج مجانًا لفترة محدودة» يعتمد على الإستراتيجية النفسية: تجنب الخسارة؛ ما يجعل المستهلكين يشعرون أنهم سيخسرون الكثير إذا لم يتخذوا قراراً بالحصول على المنتج.

2- استغلال التحيز المحاسبي العقلي: حيث إن إنهاء السعر بـ«99» يخدع الدماغ ويجعله يدرك سعرًا أقل.

3- استخدام إستراتيجية الندرة: حيث إن استخدام جملة «العرض متاح لفترة محدودة» تجعل العقل يدرك أن الوقت ليس في صالحه، وأنه قد يخسر هذه الصفقة إذا لم يتخذ قرار الشراء بشكل عاجل.

4- الدليل الاجتماعي: أي أن المستهلك يثق كل الثقة في المنتجات التي يبدو أن الآخرين يوافقون عليها، ويقوم بشرائها.

5- النفور من الخسارة: فالمستهلك دائمًا ما يخشى الخسارة أكثر من حبه للمكسب، حيث يشعر بألم فقدان الشيء أكثر من متعة الحصول على شيء آخر ذي قيمة مساوية.

6- التأطير: حيث يهتم المستهلك بالطريقة التي يتم بها تقديم المعلومات أكثر من اهتمامه بالمنتج ذاته.

من خلال الأمثلة السابقة يتبين أن الاقتصاد السلوكي يهتم بالعديد من الجوانب التي يغفل عنها الاقتصاد التقليدي، ويفترض أن العوامل النفسية تؤدي دوراً كبيراً في تشكيل سلوك المستهلك، وعلى الشركات والمؤسسات مراعاة هذه العوامل لجذب أكبر عدد ممكن من المستهلكين، وزيادة مبيعاتها وإراداتها.


 





_______________________

1- أحمد حسن النجار، الاقتصاد السلوكي وتطبيقاته عالميًا: 40 تجربة سلوكية حول العالم - 8 قطاعات متنوعة. السعودية، ‪Obeikan‏, 2019.

2- عمرو أحمد عبد الملك، أساسيات الاقتصاد السلوكي. الإمارات العربية المتحدة, ‪Emirates Center for Strategic Studies and Research‏, 2020.

3- https://thefintechtimes.com/behavioural-economics/

4- https://jliedu.ch/the-need-and-relevance-of-behavioral-economics/.


الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة