الاكتحال في نهار رمضان
ما حكم استعمال الكحل أثناء الصيام؟
– لا بأس على الصائم أن يكتحل، وأن يقطر في عينه، وأن يقطر كذلك في أذنه حتى وإن وجد طعمه في حلقه فإنه لا يفطر به، لأنه ليس بأكل ولا شرب، ولا بمعنى الأكل والشرب والدليل إنما جاء في منع الأكل والشرب فلا يلحق بهما ما ليس في معناهما، وهذا الذي ذكرناه هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله- وهو الصواب، أما لو قطر في أنفه فدخل جوفه فإنه يفطر لقول النبي صلى الله عليه وسلم: “بالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً”(1).
استعمال السواك والطيب
ما حكم استعمال السواك والطيب للصائم؟
– التسوك للصائم سُنة في أول النهار وفي آخره، لعموم قول النبي صلي الله عليه وسلم: “السواك مطهرة للفم مرضاة للرب”(2)، وقوله صلى الله عليه وسلم: “لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة”(3)، وأما الطيب فكذلك جائز للصائم في أول النهار وفي آخره سواءً كان الطيب بخوراً، أو دهناً، أو غير ذلك، إلا أنه لا يجوز أن يستنشق البخور، لأن البخور له أجزاء محسوسة مشاهدة إذا استنشقه تصاعدت إلى داخل أنفه ثم إلى معدته، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم للقيط بن صبرة: “بالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً”(4).
حكم من ذرعه القيء
إنسان تسحر في رمضان وصام، ولكنه بعدما أن صلى الفجر اضطربت معدته، ونتج عن ذلك قيء شديد، ويشك هل رجع إلى بطنه شيء من القيء بعدما وصل إلى فمه أم لا، ولكنه تمضمض ولزم الصيام، فهل يجزئه صوم يومه هذا أم يلزمه قضاؤه؟
– إذا ذرعه القيء من دون اختياره فلا شيء عليه، وصومه صحيح، هذا المذهب وفقًا للأئمة الثلاثة، ولو عاد شيء من القيء إلى جوفه بغير اختياره؛ لأنه كالمكره، وإنما الذي يُفطر، تَعَمُّدُ الإنسانِ القيءَ، بعلاج أو غيره؛ لما ورد في حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً: “من ذرعه القيء فليس عليه قضاء ومن استقاء عمداً فليقض”(5)، فلو أحس الإنسان بأن معدته تموج، وأنها سيخرج ما فيها نقول له: لا تمنعه ولا تجذبه؟ قف موقفاً حياديّاً لا تستقيء، ولا تمنع لأنك إن استقيت أفطرت، وإن منعت تضررت، فدعه إذا خرج بغير فعل منك فإنه لا يضرك ولا تفطر بذلك.
الاحتلام في نهار رمضان
رجل نام بعد صلاة الظهر ثم استيقظ فوجد نفسه محتلماً فما حكم صيامه؟
– صيامه صحيح، فإن الاحتلام لا يبطل الصوم؛ لأنه بغير اختيار الإنسان، وقد رُفع القلم عنه في حال نومه، عن عليِّ بن أبي طالبٍ رَضِيَ اللهُ عنه: أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: “رُفِع القَلمُ عن ثلاثةٍ: عن النَّائمِ حتَّى يستيقظَ، وعن الصَّبي حتَّى يحتلِمَ، وعن المجنونِ حتَّى يَعقِلَ”(6)، ومن المناسب أن أنبه على ما يفعله في هذا الزمان كثير من الناس يسهرون في ليالي رمضان، وربما يسهرون على أمر لا ينفعهم أو يضرهم، ثم إذا كان النهار يستغرقونه كله في النوم فإن هذا لا ينبغي بل الذي ينبغي أن يجعل الإنسان صيامه محلاً للطاعات والذكر وقراءة القرآن وغيرها مما يقرب إلى الله تبارك وتعالى.
رؤية الشمس بعد إقلاع الطائرة
رجل غربت عليه الشمس وأذن المؤذن وهو في أرض المطار فأفطر وبعد إقلاع الطائرة رأى الشمس فهل يمسك؟
– لا يلزمه الإمساك؛ لأنه حان وقت الإفطار وهم في الأرض فقد غربت الشمس وهم في مكان غربت منه وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إذا أقبل الليل من هاهنا وأدبر النهار من هاهنا وغربت الشمس فقد أفطر الصائم”(7) فإذا كان قد أفطر من غربت عليه الشمس وهو في أرض المطار فقد انتهى يومه، فإذا انتهى يومه فإنه لا يلزمه الإمساك إلا في اليوم التالي، وعلى هذا فلا يلزم الإمساك في هذه الحال؛ لأن الفطر كان بمقتضى دليل شرعي فلا يلزم الإمساك إلا بدليل شرعي.
__________________________________
(*) بتصرف من كتاب “فتاوى أركان الإسلام” – سماحة الشيخ محمد بن صالح بن محمد العثيمين – ت 1421هـ – جمع وترتيب: فهد بن ناصر بن إبراهيم السليمان – الطبعة الأولى 1424هـ.
(1) أخرجه أبو داود: كتاب الاستنثار (142). والترمذي: كتاب الطهارة/ باب ما جاء في تخليل الأصابع (38).
(2) أخرجه البخاري معلقاً: كتاب الصوم/ باب السواك الرطب واليابس للصائم
(3) أخرجه البخاري، كتاب الصيام، باب السواك الرطب واليابس للصائم. ومسلم: كتاب الطهارة/ باب السواك (25).
(4) أخرجه أبو داود (2366) واللفظ له، والترمذي (788)، والنسائي (87).
(5) رواه أبو داود (2380)، والنسائي في (الكبرى) (2/215)، والترمذي (720).
(6) أخرجه الترمذي (1423)، والنسائي في (السنن الكبرى) (7346)، وأحمد (956) وحسَّنه البخاري، وصححه الألباني في (صحيح سنن الترمذي) (1423).
(7) أخرجه البخاري: كتاب الصوم/ باب الصوم في السفر والإفطار (1941).