05 فبراير 2025

|

أيها الآباء والأمهات.. بروا أبناءكم

سعد النشوان

03 فبراير 2025

8570

قد يبدو عنوان المقال معكوساً، ولكنه مقصود، فالعادة مطالبة الأبناء ببر الآباء والأمهات، وهذا دائماً ما تتحدث عنه خطب الجمعة ودروس المساجد والرسائل التربوية التلفزيونية والإذاعية وغيرها، ولكن نادراً ما نشاهد مطالبة الآباء والأمهات ببر الأبناء. 

وهنا لا نقصد البر المادي من توفير المأكل والمشرب والملبس ومتطلبات الحياة، بل نقصد البر القيمي؛ وهو أن يحرص الآباء والأمهات على تغذية الأبناء بالقيم كحرصهم على إطعامهم وشربهم. 

وها هو قدوتنا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم حين قال لعبدالله بن عباس: «يا غُلامُ، إنِّي أعلِّمُكَ كلِماتٍ، احفَظِ اللَّهَ يحفَظكَ، احفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تجاهَكَ، إذا سأَلتَ فاسألِ اللَّهَ، وإذا استعَنتَ فاستَعِن باللَّهِ، واعلَم أنَّ الأمَّةَ لو اجتَمعت علَى أن ينفَعوكَ بشَيءٍ لم يَنفعوكَ إلَّا بشيءٍ قد كتبَهُ اللَّهُ لَكَ، ولو اجتَمَعوا على أن يضرُّوكَ بشَيءٍ لم يَضرُّوكَ إلَّا بشيءٍ قد كتبَهُ اللَّهُ عليكَ، رُفِعَتِ الأقلامُ وجفَّتِ الصُّحفُ»؛ فقد خطّ رسول الله صلى الله عليه وسلم العقيدة الراسخة والخوف من الله في قلب هذا الابن ومراقبته في كل عمل.

وقال الصحابي عمر بن أبي سلمة رضي الله عنهما: كنت غلاماً في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت يدي تطيش في الصحفة، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا غلام، سمِّ اللهَ، وكُلْ بيمينك، وكُلْ مما يليك»، فما زالت تلك طُعمتي بعد. 

يتبين لنا من هذين الحديثين الشريفين أهمية تربية الأبناء التربية الصحيحة وليس فقط توفير الطعام والشراب. 

بر الأبناء ليس فقط بالكلام والحديث، بل بالقدوة الحسنة، ومنها مرافقة الأبناء آباءهم للمجالس والديوانيات، فكما تعلمنا من آبائنا أن «المجالس مدارس»، فليتعلم الابن كيف يتحدث ومتى يتحدث وكيف يجلس ومتى يقوم، وكذلك بالنسبة للبنت ترافق أمها في مجالس النساء، وتتعلم أخلاق الحياء والحديث وكل ما يتعلق بأمور النساء.

فالأب والأم هما مرآة الأبناء، وقد قال الشاعر المعري في ذلك: 

وَيَنشَأُ ناشِئُ الفِتيانِ مِنّا         عَلى ما كانَ عَوَّدَهُ أَبوهُ

وَما دانَ الفَتى بِحِجىً           وَلَكِن يُعَلِّمُهُ التَدَيُّنَ أَقرَبوهُ

وكما قيل: «التعليم في الصغر كالنقش في الحجر»؛ بمعنى أن هذا التعليم لا يمحى من ذاكرة الطفل ويبقى في عقله. 

إذاً، فالأبناء ما هم إلا وعاء خالٍ، فلا تتركوهم لمواقع التواصل الاجتماعي والألعاب الإلكترونية بحجة انشغالكم، خصوصاً وقت الزيارات العائلية، بل نحرص على ممارسة الأبناء مع أقرانهم من الأقارب والجيران للعب والمرح، ولا يخفى علينا جميعاً أضرار الألعاب الإلكترونية الخلقية والصحية الخطيرة على هؤلاء الأطفال.

ومن عقوق الأبناء تركهم للخادمات في أغلب الأحيان، سواء كن مسلمات أو غير مسلمات، ولا ندري ماذا تغذيه من عقيدتها، فوضع الكاميرات في البيت ليس كافياً لمراقبة العاملات أو السائق، وفي هذا السياق، أذكر أنه عندما كنت معلماً بوزارة التربية جاء إليَّ أحد أولياء الأمور يريد لولده النجاح في ماده اللغة العربية، وكان الولد ضعيفاً جداً، وسألته: من يدرِّس ابنك في البيت؟ فقد صدمني بإجابته حيث قال: إن الذي يعلِّم ابنه العاملة الآسيوية! فاعتذرت عن إكمال اللقاء مع الأب، ولم ينجح الولد.

عندما نريد البر من أبنائنا، يجب أولاً أن نقدم لهم كل القيم والثوابت الشرعية والأخلاقية واختيار الأم الصالحة؛ لكي يكونوا بارين بنا.


الرئيسية

مرئيات

العدد

ملفات خاصة

مدونة